السياسة عالمٌ خطر



كنتُ أحب السياسة كثيراً، اتسعت بداخلي منذ الصغر بأحاديثك ورواياتك واخلاصك للأوطان كعادات أهل الأصل فنحن الآن في زمن مجهول الأصل.
يعلم الله وحده من أين انبثقت الكائنات التي تحكمنا فهي مشكوكة عند جنس البشر.
كانت السياسة عالم طموح مراهقتي، ظننت في تلك الفترة عالم القتال ضد الوحوش لسيادة الحق كعهد الأنبياء تماماً، ومن منا لم يظن ذلك لفترة ما؟
لم أكن أعرف وقتها أنه عالم القتال والاتحاد مع الوحوش للتخلص من الأبرياء الذين اتضح لي أنهم عبء علي حكوماتهم وقاداتهم.
كنت دائماً أؤمن أن المال وسيلة التنظيمات لحل المشاكل، لم أدري أن المشاكل كانت الوسيلة والمال كان حتماً هو الغاية.
كنت ساذجة لأظن أن شعار أي حركة هو شعار ثابت ولا يتم التنازل عنه وهنا بدأت أؤمن بمفهوم "المباديء"
الكارثة أيضاً أن المباديء كذلك تتغير وبأبسط الطرق كاتصال هاتفي مع وعد بمكافأة؟
حقـوق الإنسان! كأي فتاة في الخامسة عشر من عمرها كانت تشاهد بشغف اللقاءات والخطبات حول هذا الموضوع وتعتقد وقتها أن مواد حقوق الإنسان مقدسات ويحرم تخطيها.
كنت أجهل أنها مجهزة مسبقاً على ورق كي تكون مواضيع حشو وعناوين رئيسية للصحف وأخبار الغد لإرضاء حمامات السلام التي باتت الان غربان متلونة متجولة فوق رؤوسنا تخدعنا بألوانها الجديدة التي تخفي تحتها أصلها، فكما قلت نحن في زمن نجهل فيه الأصول.
تقلبت ببحثي عن التنظيمات في مقتبل رحلتي لعالم الوعي
فتارة أرى أن احدها تمثلني بمنهجيتها ولم أفهم الحقيقة سوى حديثاً حيث كان عقلي مغيب ومتفاني وقتها بعالم المثاليات الذي كان يُرسم لنا، وتارة أخرى ظننت أن احدها جيدة لأننا نحتاج للدين..نسيت أن الدين بنفسه حذرنا من المظاهر وأن دين الله لا يكون بالكلمات أبداً..وهكذا العقل اذا لم يتأمل بالحقائق حوله، سينقاد وراء أي كلمة معسولة وأي وعد وأي شعار و...أي كيس لحمة!
كلنا سمعنا عن شرعية حقوق الانسان وقراراتها وحتى أننا درسناها في تاريخنا لدرجة أنني وجدتها خط أحمر. أكثر الوثائق التي هُددنا لكوارث ستحصل اذا خالفناها، ومع ذلك فهي أكثر من تعرض للتحدي والسباق بين الدول علي مخالفتها. كانت الكذبة التي صدقناها ونقف بصمت ونحن نرى اغتصابها علناً من المنادين بها بأنفسهم.
تعلمت شيئاً مهماً بعدما صدمني الواقع بكل الخيالات التي أعتقدتها حقيقة، من رأي الحقيقة وظل أخرساً أو حتى فضل مشاركة عميان الفكر والببغاء في مهنتهم فهو مسخ.
يجيد التقليد لكل من أرهقوا فينا معنى الحياة البسيطة ولكل من شوهوا في داخلنا معنى السلام الفعلي.
 الواقع بارد وبطانيات المسؤولين عنا مرقعة من كل جانب، كارثة أيضاً..حتى الشياطين تخافهم.
#الواقع وهو ما يحدث فعلاً دون أي مجاملات ودون أي اعتبارات. فلنستيقظ من ألوان الشاشات وموسيقى الوحدة التي يعزفونها وهي سراب والخطابات المكررة وما يختبئ خلف الستار أعظم وأشد..وأقسى.

تعليقات